سيكولوجيا الاغتصاب
يعتقد الكثيرون أن الاغتصاب هو بطبيعة الحال جريمة جنسية، وهم بذلك يرون أن الدافع الحقيقي للاغتصاب هو التنفيس الجنسي.
وهذا الاعتقاد يحمل دلالات واضحة تحاكم بها الضحية أخلاقيا بحيث يعتقد أنها أثارت بطريقة لبسها أو تصرفها أو كلامها أو أفعالها الأفكار الجنسية لدى المعتدي عليها؛ وبسبب توفرها بالمكان والزمان الخطأ دون حماية قام الرجل باغتصابها.
وحين التركيز على هذه الأفكار التي تبدو شائعة بين الناس يتضح لنا أن اللوم الاجتماعي جراء الاغتصاب هو على المرأة أكثر منه على الرجل. بل للأسف ينظر هؤلاء الناس للرجل وكأنه ضحية "إغراء" هذه السيدة وأنه بطبيعته الضعيفة أمام تلك الفتنة تصرف بحيوانية كانت تلك المرأة سببًا في إخراجها.
وهذا ما يجعل البعض لا يتعاطف بشكل تلقائي مع المرأة المغتصبة حتى يفهم ظروف تلك المرأة وملابسات قضية الاغتصاب.
وقد أثبتت الدراسات التي أجريت في جامعة ييل عام 1981 على مجموعة كبيرة من الرجال المغتصبين والنساء اللاتي تعرضن لجرائم الاغتصاب، أن الاغتصاب في الحقيقة ليس جريمة جنسية بل هو جريمة عنف يكون المغزى منها ليس التنفيس الجنسي بل الإهانة والإذلال وكسر الروح المعنوية.
لذلك تقوم الكثير من الحكومات والعسكريين بأمر جنودهم كذلك التنظيمات الارهابية باغتصاب النساء في البلاد التي يقومون باحتلالها، بوصف هذا العمل طريقة قوية ومباشرة لإهانة الشعب وإذلال رجاله، بل ويتعمّد بعض الجنود اغتصاب النساء أمام رجالهن إمعانا وتنكيلا بهم.
لذلك فالضحية في حقيقة الأمر لا تساهم لا من قريب ولا من بعيد في جلب الجريمة لها لأنها في الغالب جرائم عنف تبحث عن ضحية ضعيفة فقط؛ وفي وضعنا العربي فالمرأة الضعيفة هي المرأة التي لا تكون تحت حماية مباشرة من رجل.!!!
قام الدكتور منكيمن أميير، الباحث في المعهد الوطني للأمن والعدالة الإجرامية في الولايات المتحدة بدراسة موسعة على مجموعة من الشباب الذين أدينوا بجرائم اغتصاب في فترتي الستينات والسبعينات ووجد أن هناك تقريبا نصف عمليات الاغتصاب (43%) يحصل بشكل جماعي وهي ما تسمى بـ Gang Rape بحيث يخرج الشاب أو مجموعة من الشباب إلى الشارع بنية الاغتصاب والبحث عن ضحية ضعيفة، وهم بذلك لا يهتمون بشكل المرأة أو عمرها، فهي قد تكون كبيرة في السن أو قبيحة ولكن المهم هو أن تكون ضعيفة بلا حماية ويمكن اختطافها واغتصابها.
لذلك فنيّة الجرم أو على أقل تقدير الاستعداد للجرم موجودة سلفا ولم توقظها المرأة الضحية، بل إن جمال المرأة من عدمه ليس عنصرا أساسيا في الجريمة، فالأهم هو أن تكون بلا حماية أو ضعيفة لا تحمل سلاحا.
كما وجد الدكتور أميير ودراسات أخرى قام بها المعهد على رجال أدينوا بالاغتصاب في خمس مدن أمريكية كبيرة، انه في العينة المدروسة رجالا متزوجين مما يدل على أن القدرة على الاغتصاب والشروع به ليس له علاقة بتوفر الجنس لدى الرجل، بل هي عادة عنيفة مستقرة في نفسيته، لأن الرجل المتزوج لديه امرأة متوفرة يمكنه أن يمارس معها الجنس كيفما ومتى شاء، لكنه في الواقع لا يستطيع أن يمارس معها العنف والإهانة التي يريد أن يغرسها في نفس المرأة ولا يريد أن يفعل هذا بزوجته. وهذا دليل آخر على أن الاغتصاب يستعمل الجنس بغرض العنف وليس العكس.
كشفت الإحصائيات المنشورة في أواخر السبعينات وبدايات الثمانينات من وزارة العدل الأمريكية أن خُمس حالات الاغتصاب يتم التبليغ عنها بينما تبقى الأغلبية سرا دفينا لدى الضحية. والسبب في ذلك كما وجدت الدكتورة سوزان براون ميلر صاحبة كتاب "ضد إرادتنا: الرجال والنساء والاغتصاب" هو أن ردة فعل المغتصبة لا يمكن التنبؤ بها لأنها تعرضت لعمل فظيع ضد إنسانيتها، سلبت به كرامتها وإراداتها وتمت مساواتها بالأشياء، لأنها شعرت أنها فقدت كرامة الكائنات الحية وضميرها
ولكن يمكن أن نقسم ردة الفعل إلى قسمين كبيرين وهما: امرأة تكتم بشكل كامل ما حصل لها وكأنه لم يحصل في الأساس وتواجه تلك الجريمة بالنكران وعدم الإفصاح، فتتجاهل بهذا حالتها النفسية والجسدية، وكثير من هؤلاء النساء لا يذهبن للمستشفى ولا يخبرن أزواجهن أو أهاليهن لأنهن يعانين من اضطرابات نفسية عميقة للغاية ولا يردن الحديث عما حصل فيفضلن تجاهله كلية.
وهناك الصنف الآخر الذي يفقد السيطرة على نفسه وينهار ويطلب المساعدة في حينه.
والمشكلة هي أن البعض يعتقد أن الصنف الأول لا يحتاج عناية نفسية، ولكن في واقع الحال هؤلاء النساء هن اللاتي يحتجن بشكل ضروري للرعاية العاطفية لأنهن لم يتعاملن مع عواطفهن بشكل واقعي ويحتاج الأمر لوقت طويل للعلاج.
كما توضح الباحثة والتي تتفق نتائجها مع ما توصل إليه الدكتور أميير أن المرأة المغتصبة لا تبلغ عن الجريمة بسبب ثلاثة عناصر أساسية: الشرطة والمحكمة والمجتمع.
فالشرطة لا تتعامل مع هذا الموضوع بالشكل المحترف المطلوب وقد يتحرج الشرطي أن يسأل المرأة بل قد يسألها عن أمور لا علاقة لها بالجاني مثل عما كانت تفعله قبل الحادث ومشاعرها أثناء الاعتداء وغير ذلك.
أما المحكمة فهي لا تعامل المرأة على أساس أنها ضحية، بل تحاول أن تبحث في العناصر الفيزيائية الجسدية أو السلوكية التي قد تكون سببا في اختيارها من قبل المعتدي.
بينما المجتمع يراها مذنبة بشكل أو بآخر بسبب الاعتقادات الخاطئة التي تطرقنا لها أعلاه.
لذلك فالمرأة في الغالب لا تتكلم ولا تريد أن تخبر أحدا بسبب أنها خائفة ومرعوبة ولا تريد أن تغتصب نفسيا مرة أخرى كما حصل لها جسديا ونفسيا من الجاني.
فالمجتمع بتكوينه الثقافي لا يرحم أحدا، بل إن الناس بشكل عام يعانون من تصحر عاطفي يجعلهم لا ينظرون لبعضهم البعض أو لغيرهم من المجتمعات والجماعات الأخرى بعين إنسانية وروح متفهمة.
كما أنه لا يمكن أن ننسى أن عقوبة الاغتصاب في بعض البلدان تعتبر خفيفة ولا تضاهي الألم النفسي والعذاب الذي ستعيش معه الضحية طوال عمرها،
** أن الاغتصاب يحتاج لعقوبة أكثر صرامة لأن المعتدي الجنسي هو شخص يعاني من اعتلال نفسي وعقلي لا يذهب مع الوقت بسهولة.
ولأن الاغتصاب جريمة شنيعة لا تؤثر على فرد بعينه بل تدمر العائلة كاملة، فقد قام الكثير من المجتمعات المتحضرة بتوفير مراكز لرعاية المرأة المغتصبة والرجل الذي تعرض لمثل هذه الجرائم كذلك، وهناك مواقع إلكترونية كثيرة متوفرة على الشبكة تعرض خطوات تفصيلية بالكيفية المناسبة التي يجب أن تتعامل بها العائلة مع الفتاة أو الولد الذي تعرض للاغتصاب.
والأمر حينما نقرأه سنعي كم أن هذا الحدث الجلل من الفظاعة بحيث لا يمكن أن نضعه في إطار واحد ونقيم الجميع على أساس منه؛ فكل قضية خاصة بذاتها وظروفها، ولا يبقى لنا إلا أن نتذكر أن من لا يرحم من في الأرض لن يرحمه من في السماء!
اما ما سمعنا عنه ما حدث في قرية سورية عن شاب قام ب إغتصاب أطفال دون سن ال 14 عام ،فهو ما يسمى (حب الغلمان ) او ال( بيدوفيليا) نوع من الشذوذات الجنسية التي انتشرت في زمن العباسيين و العثمانيين كنوع من الترف .
و هنا لا يشترط أن يقوم بعملية جنسية كاملة بل قد يكون مجرد تحرش او تعرية الضحية او التعري أمامها ،هنا الكبت له دور كبير .
كل ما سبق لا يعطي الطب النفسي اي تبرير له بل يعتبره جريمة تستحق العقاب باعتباره فعل مضاد للمجتمع .
و ما نعول عليه هو الاسرة في تربية ابناءها ليكونوا اسوياء نفسيا.
و دمتم بخير
منقول عن صفحة الطبيب النفسي السوري باسم يوسف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق